الجمعة، يونيو 11، 2010

خطبة عن صور تعظيم الله

تعظيم الله جل جلاله
الحمد لله رب العالمين لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وقيوم السموات والأرضين ومالك يوم الدين، الذي لا فوز إلا في طاعته، ولا عز إلا في التذلل لعظمته، ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته ولا حياة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في قربه، الذي إذا أطيع شكر وإذا عصي تاب وغفر، وإذا دعي أجاب وإذا عومل أثاب وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضي نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وسبحان من سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها، والأرض وسكانها، والبحار وحيتانها، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء0
أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يملأ أرجاء السموات والأرضين إلى يوم الدين، وأصلي وأسلم على من أرسله الله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، فالله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا الله أكبر، كلمة تجلجل في الأجواء وتصدح في الفضاء، ينادى بها لكل صلاة، وتستفتح بها كل صلاة، وتزلزل بها عروش الجبابرة والطغاة0 الله أكبر، كلمة لو عقلناها لتحركت منا المشاعر واهتز الوجدان0
عباد الله : إن تعظيم الله عز وجل من أجل العبادات القلبية, وأهم أعمال القلوب التي يتعين ترقيقها وتزكية النفوس بها، لا سيما وأنه ظهر في زماننا ما يخالف تعظيم الله تعالى من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله، والتطاول على الثوابت, والتسفيه والازدراء لدين الله، مع ما أصاب الأمة من وهنٍ وخورٍ وهزيمةٍ نفسية، قال تعالى: مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:13].
إن الإيمان بالله عباد الله، مبني على التعظيم والإجلال له عز وجل، قال تعالى: تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ [مريم:90]، قال المفسرون: "يتشققن من عظمة الله عز وجل".
في الصحيحين عن ابن مسعود (رضي الله عنه ) قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله (عليه الصلاة والسلام ) فقال: يا محمد، إنا نجد أنّ الله عز وجل يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله (عليه الصلاة والسلام ) حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
سبحان الله، هذا الكون بما فيه من عظمة وإبهار، يكون يومَ القيامة على أصابع القويّ القهّار .
فسبحان من أتته السماء والأرض طائعة، وتطامنت الجبال لعظمته خاشعة، ووكفت العيون عند ذكره دامعة، عبادته شرف، والذلّ له عزّة، والافتقار إليه غنى، والتمسْكن له قوة.
ربنا العظيم كل يوم هو في شأن، يغفر ذنباً، ويفرّج كرباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين، يحيِ ميتاً، ويميت حياً، ويجيب داعياً، ويشفي مريضاً، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، سبحانه كل يوم هو في شأن.
سمع نداء يونس في الظلمات، واستجاب لزكريا فوهبه على الكبر يحيى سيداً ونبياً، وأزال الكرب عن أيوب، وألان الحديد لداود، وسخر الريح لسليمان، وفلق البحر لموسى، ونجى هوداً وأهلك قومه، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وشق القمر لمحمد، عليهم الصلاة والسلام .
ربنا العظيم أحاط علمه بالكائنات، واطّلع على النيات، عالمٌ بنهايات الأمور، (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)، يعلم ما في الضمير، ولا يغيب عنه الفتيل والقطمير، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، وهو فعّال لما يريد، لم يخلق الخلق سُدى، ولم يتخذ من المضلين عضدًا.
يدخل موسى وهارون على رأس الكفر والطغيان فيهابا ويخافا، فيناديهما ربهما: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى).. ويلتجأ رسول الله (عليه الصلاة والسلام ) ومعه الصديق إلى الغار ويحيط بهما الكفار فيقول أبو بكر: يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا؟! فيقول له: (لا تحزن، إن الله معنا) .
فسبحان من علم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، الورقة تسقط بعلمه، والهمسة تُنبَس بعلمه، والكلمة تُقال بعلمه، والنية تُعقَد بعلمه، والقطرة لا تنزل إلا بعلمه.. (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) .. (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.
النجوى عنده جهر، والسرّ عنده علانية، (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
هذه بعضُ مظاهر عظمتِه سبحانه مما تتحمّله عقولنا، وإلاّ فعظمة سبحانه أجلّ من أن يحيطَ بها عقل، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فسبحانك يا ربنا ما أعظمك، وعلى من عصاك ما أحلمك، سبحانك ما عرفناك حق معرفتك، وما قدرناك حق قدرك، وما عظّمناك حق عظمتك.
- عباد الله، ما هي آثار عظمة الله في نفوسنا؟ هل عظمنا الله حقاً؟ أم أصبحت الدنيا أعظم في نفوسنا من ربنا؟
إن الكون كله يسبح لربه ويسجد له، ويخضع لعظمته، كما قال تعالى: (تَكَادُ السَّمَـاواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ)، قال المفسرون: يتشقّقن مِن عظمةِ الله عز وجل.
إنّ الإيمان بالله مبنيّ على التعظيم والإجلال، وقد ذمّ الله تعالى مَن لم يعظِّمه حقَّ عظمتِه فقال: (مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) أي ما لكم لا تعظِّمون الله حقَّ عظمته.
لقد ضعف تعظيم الله في نفوس بعضِ المسلمين اليومَ، وعظُمت في نفوسهم قوى الأرض البشريّة، حين رأوا مُنجزاتِ الحضارة المادّية ونتاجها، من العلوم الدنيوية، إلى القدرات العسكرية، من الصواريخ العابِرة للقارّات، إلى الأسلحة النووية، إلى حرب النّجوم والفضاء، حتى أصيب بعض الناس بالخور والانبهار، وتسرّب إلى نفوسهم الوهن والانكسار.. والهزيمة النفسيّة من أنكى الهزائم وأشدِّها خطرًا على الأمة، كما قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
وبسبب عدم تعظيم الله، كثر في زماننا التهاون في الواجبات، والاستخفاف بالشعائر، والاستهزاءِ بالأحكام، والتطاولِ على الثوابت. فإلى الله نشكو حال هذا الجيل، الذي صدّه الانبهار عن السبيل، وعلاه الغرور والتضليل، وأسكَرَه التّرف والتطبيل، إلا ما رحم الله.
إن هذا الجيل بحاجةٍ ماسّة إلى أن يعرف ربّه حقًّا، ويعظمه صدقًا، بتدبّر أسماء الله وصفاته، والتأمّلِ في آياته، والتفكّر في عظاته، فمَن استقرت عظمة الله في قلبه لم يخف غير الله، ولم يرج إلا الله، ولم يتحاكم إلاّ له، ولم يذلّ إلا لعظمتِه، ولم يحبّ سواه، كما قال مولاه: (والذين آمنوا أشد حباً لله.
أقول ما قد سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
*******
الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، أحمده - سبحانه - على هدايته وتوفيقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا رب لنا سواه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
عباد الله.. إنّ تعظيمَ الله عز وجل مِن أجلّ العبادات القلبية التي يتعيّن ترسيخها، و صمّام أمان لها، ووازع خيرٍ ومانع شرٍ إذا غُرس في قلب العبد، إن تعظيم الله داعٍ إلى مراقبة الله، والخوف منه، والعمل بمرضاته، والبعد عن معصيته.
إنه ما جاهر مجاهر بمعصية إلا لما ضعف تعظيم الله في قلبه وقلّ خوفه منه.. وما ترك الصلاة ولا تخلّف عنها متخلّف إلا لضعف تعظيمه لله وخوفه من الله.. وما غشّ غاشٌّ أخاه المسلم، ولا اعتدى على حقّه، ولا خان خائن، ولا زنى زانٍ، ولا سرق سارق، إلا لما ضعف تعظيم الله في نفسه.. وما خرجت امرأة متبرجة سافرة إلا لقلة تعظيم الله الذي أمرها بالستر والحجاب والبعد عن الرجال.. روى ابن ماجه وصححه الألباني عن ثَوْبَانَ (رضي الله عنه ) عَنْ النَّبِيِّ (عليه الصلاة والسلام ) قَالَ: "لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي، يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا".
اللهم سلم سلم، إنهم لم يراقبوا الله ولم يعظموه في خلواتهم، ولم يقدروه حق قدره، بل جعلوه سبحانه أهون الناظرين إليهم، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
ووالله، لو علم العباد ما لله من العظمة ما عصوه، ولو علم المحبون ما لله من الجمال والكمال ما أحبُوا غيره، ولو عرِف الفقراء غنى الربِ سبحانه ما رجوا سواه، فسبحانه جلّ في علاه هو سلوت الطائعين، وملاذ الهاربين، وملجأ الخائفين.
عباد الله / وإن من الوسائل المعينة على تعظيم الله في النفوس كثيرة منها: -
1 - أعظمها: قراءة القرآن وتدبر معانيه.
اقرأ كتاب الله وتأمل فيه؛ تجد فيه صفات الرب سبحانه؛ ملك له الملك كله، أزمة الأمر كلها بيده، لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته، عالم بما في نفوس عبيده، مطلع على أسرارهم وعلانيتهم، يثني على نفسه، ويتعرف إلى عباده بأسمائه وصفاته، ويتحبب إليهم بنعمه، ويحذرهم من نقمه.
2 - ومن الوسائل كذلك طلب العلم النافع، فإنه على قدر العلم والمعرفةِ بالرب، يكون تعظيمه وإجلاله في القلب قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
3 - ومن الوسائل ذكر الله تعالى، والمحافظة على الأذكار اليومية والباقياتِ الصالحات، والإكثارُ منها، فإن الذكر باللسان يورث تعظيم المذكور بالقلب، ولاسيما مع تدبر القلب ومواطأتِه للسان.
4/ ومن الوسائل كذلك: التأمل في آيات الله تعالى في هذا الكون، في الآفاق وفي الأنفس، كما قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
هذا الكون الفسيح كتاب مفتوح ينطق بعظمة خالقه جل جلاله، لا تملك أمامه إلا أن تطأطئ رأسك، وتخضع قلبك، وتقول سبحان الله العظيم، رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم.
وفي هذا الكون من الآيات، والعجائب والمعجزات، ما تضيق عنه العبارات.
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية فقد أمركم الله بذلك، فقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإِسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم عليك بمن يريد زعزعة أمننا ومن والاهم اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين. اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

الأحد، يونيو 06، 2010

خطبة عن ادخال السرور على المسلم

خطبة عن إدخال السرور لمسلم
12/6/1431هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر وسلم تسليما كثيرا... أما بعد أيها المسلمون...
خلق الله تعالى الناس وجعلهم في مشاعر متنوعة فجعلهم ما بين فرح وحزن وما بين ضحك وبكاء وجعل الله تعالى في مواساة الناس على أحزانهم أجرا عظيما وجعل الله تعالى في إدخال السرور على المسلمين أجرا عظيما ومن نظر في حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجد أنهم كانوا يتتبعون جميع أبواب الخير لأجل أن يسلكوا منها إلى الأجر والثواب والجزاء ومن ذلك أيها الكرام إدخال السرور على المسلمين ولقد مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاعله فقال عليه الصلاة والسلام:[ أحب الناس إلى الله انفعهم وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب المسلم]
وقال عليه الصلاة والسلام:[ أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض إدخال السرور على المسلمين] كما عند الطبراني... وقال صلوات ربي وسلامه عليه وهو يبين فضل ذلك قال لما سئل أي الأعمال أفضل قال:[ إدخال السرور على مؤمن أو أن تشبع جوعته أو أن تستر عورته]
ولما سئل بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم قيل لهم:
ما بقي من لذاتك في الدنيا؟؟؟
قال: إدخال السرور على الإخوان.
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى لما سئل قيل له:
أي الأعمال تحب؟؟؟
قال: إدخال السرور على المسلمين.
قال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال:"من ادخل على أخيه المسلم سرورا أو فرحا في دار الدنيا خلق الله عز وجل من ذلك خلقا يدفع عنه الآفات في دار الدنيا فإذا كان يوم القيامة كان قريبا" كما عند الخطيب البغدادي
فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحَرص على أن يكون المرء مدخلا للسرور على قلوب إخوانه المسلمين وكان يفعل هو صلى الله عليه وسلم ذلك.
عباد الله : كان عليه الصلاة والسلام يَسلك طرقا لإدخال السرور على المسلمين ومن ذلك الهدية كما قال صلى الله عليه وآله وسلم [تهادوا تحابوا حتى لو كان شيئا يسيرا] فكان عليه الصلاة والسلام حريصا على أن يدخل السرور على الآخرين بمثل ذلك...ربما اهدي إليه صلى الله عليه وسلم لبن أو طعام أو تمر وربما أهدى صلى الله عليه وسلم .
فهذا باب من أبواب إدخال السرور...
ومن ذلك الابتسامة... كما قال صلى الله عليه وسلم:[ تبسمك في وجه أخيك صدقة]
وكما قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي"... فالابتسامة لا تنافي الخشوع والانكسار و التعبد لله.
ومن ذلك قضاء الحاجات كما قال صل الله عليه وسلم[لئن امشي مع أخي في حاجة حتى أثبتها له أحب إلي من أن اعتكف في مسجدي هذا شهرا]...
فقضاء الحاجات للناس من إدخال السرور عليهم.
وإن من أبواب إدخال السرور على المسلم ياعباد الله زيارة المرضى.
ومن إدخال السرور الكلمة الطيبة كما قال عليه الصلاة والسلام:[ الكلمة الطيبة صدقة] وقال صل الله عليه وسلم:[اتقوا النار ولو بشق تمرة] قال:[فمن لم يجد فبكلمة طيبة] وربنا عز و جل يقول:{و قولوا للناس حسنا} يعني الكلام الطيب ويقول عز و جل مبينا فضل ذلك وهو يختار لعباده أن يتكلموا بأحسن الكلام :{ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} يعني يختار أطيب الكلمات ثم يتكلم بها
ومن ذلك الصدقة على المحتاج كما بين النبي صل الله عليه وسلم فضلها في أحاديث كثيرة وكما قال جل وعلا:{وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}...فهو ليس مالك ولا مال أبيك إنما هو مال الله جعله بين يديك قال :{وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}...لأن في الإعانة إدخال للسرور على المحتاج.
واعلم انك ما تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا رزقك الله تعالى خيرا منها. وكلنا يا عباد الله نتعامل مع رب كريم {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}...
في ديننا شُرع لنا من العبادات والتصرفات ما فيه تخفيف للحزن عند الآخرين ...
ألم يشرع عندنا في الدين التعزية؟؟؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم:[ حق المسلم على المسلم ست] وذكر منها صلوات ربي وسلامه عليه و [فإذا مات فاتبعه]
فإذا تبعت الميت خففت الحزن عن أهله وأدخلت السرور عليهم ...
وكان صل الله عليه وسلم يعزي من يموت له احد من أصحابه لأجل أن يخفف الحزن عنه ولأجل أن يدخل السرور عليهم
بل حتى في الأخلاق نُهِي عن عدد من التصرفات لأجل أن لا يذهب السرور، فهذا الدين جاء بالسرور والفرح سواءا للعبد مع نفسه أو مع الآخرين.
هذا أيها الأحبة الكرام صور لبعض الأمور التي تدخل السرور على المسلمين...فكل ما كان المسلم أو المسلمة أكثر التصاقا بك من أم وأب أو زوجة أو أبناء أو إخوة وأخوات وأقارب وزملاء وأصدقاء كلما كان أقرب أليك رحما كانت ممازحته وملاطفته والتفاعل معه وإدخال السرور عليه كان أعظم أجرا عند رب العالمين ...
أسال الله جل وعلا أن يرزقنا جميعا حسن الخلق وأن يعيذنا من سوء الأخلاق... أقولوا ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه واشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستنَّ بسنته إلى يوم الدين...
أما بعد أيها الأحبة الكرام...
ومن صور إدخال السرور على المسلمين الدعم والمؤازرة لتلك الجمعيات الخيرية المباركة التي لم تألُ جهداً في دعم المحتاجين من المسلمين ومن ذلك جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي.
وأن الجمعية تقدم خدماتها للمواطنين والمقيمين إقامة نظامية بعد التأكد من أن إصابتهم بالفشل الكلوي تمت عقب وصولهم إلى المملكة ، كما تقدم الخدمة لجميع الديانات ولا تقوم بالتفرقة بين المسلمين وغيرهم وتنظر إلى هذا العمل بأنه عمل إنساني يقدم للمحتاجين والفقراء، الذين لا يستطيعون الغسيل، وأن الجمعية تلتزم مع المرضى بالغسيل وتوفير الأدوية وتقديم خدمة النقل لهم بالتعاون مع عدد من مراكز الغسيل المنتشرة في المملكة.
وللعلم فإن عدد المصابين في مرض الفشل الكلوي في المملكة يبلغ عددهم 9600 مريض والجمعية تشرف على علاج 20% من المرضى ويبلغ عدد الذين يتعرضون للوفاة 11 بالمائة في المملكة.
أيها المسلمون أبواب الخير كثيرة وما عند الله خير وأبقى ، فلا تبخل أخي المسلم بالقليل من المال لتجده عند الله مدخراً يوم لا ينفع مال ولا بنون أسأل الله لهذه الجمعية ولكافة الجمعيات الخيرية التوفيق والسداد وأن تؤدي رسالتها وفق مراد الله.
هذا وصلّوا - رحمكم الله - على من بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، فقد أمركم الله بذلك، فقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإِسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإتياء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

خطبة عن التحذير من الفتن

خطبة عن التحذير من الفتن شهر
6/1431هـ
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى وأنيبوا إليه واثبتوا على دينه واستقيموا إليه فإن دين الله دين الحق ووسيلة الصلاح والإصلاح في الدنيا والآخرة واحذروا الزيغ والضلال عن الدين فإن في ذلك فساد الدنيا والدين بل وفساد الآخرة واحذروا الفتن احذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، الفتن التي تصد عن دين الله من مال أو أهل أو ولد أو عمل يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
أيها المسلمون اتقوا فتنة ينتشر شرها وفسادها إلى الصالحين كما أصاب الظالمين ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]
احذروا فتنة العقيدة الباطلة والآراء المنحرفة السافلة احذروا كل فتنة في القول أو في العمل فإن الفتن أوبئة فتاكة سريعة الانتشار إلى القلوب والأعمال إلى الجماعة والأفراد فتصيب الصالح والطالح في آثارها عقوبتها
عباد الله لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن فقال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا" أخرجه مسلم.
عباد الله إننا في زمن فتح الله علينا فيه من الدنيا ما فتح من الخير، حتى تداعت علينا الأمم من أجلها فاختلطوا بنا كفاراً ومنافقين وفاسقين ومفسدين إننا بهذا الفتح الدنيوي لعلى مفترق طرق وفي دور تحول نسأل الله عز وجل أن لا يكون تحوراً، فيا عباد الله عليكم بدينكم،وعليكم بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم وبهدي سلفكم الصالح يقول الله تعالى في كتابه: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أسال الله لي ولكم إتباع صراطه المستقيم.
أيها الناس إننا نسمع ونشاهد فتناً، وللأسف أنها قد تجد عند بعضنا مكاناً متسعاً ومرتعا خصباًً، فتناً والعياذ بالله فيها الإعراض عن كتاب الله وعن سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسمع مثلاً من يدعوا إلى اختلاط النساء بالرجال وإلغاء الفوارق بينهم إما بصريح القول أو بالتخطيط الماكر البعيد والعمل من وراء الستار وكأن هذا الداعي يتجاهل أو يجهل أن دعوته هذه خلاف الفطرة والجبلة التي خلق الله عليها الذكر والأنثى وفارق بينهما خلقة وخلقاً كأن هذا الداعي يتجاهل أو يجهل أن هذا خلاف ما يهدف إليه الشرع المطهر من بناء الأخلاق الفاضلة والبُعد عن الرذيلة فلقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم ما يُوجب بُعد المرأة عن الاختلاط بالرجل فكان صلى الله عليه وسلم يَعزل النساء عن الرجال في الصلاة ويقول" خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها"
فنستفيد من هذا أنه كُلما ابتعدت المرأة عن الاختلاط بالرجال فهو خيرٌ لها وكلما قربت من ذلك فهو شرٌ لها هكذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم ثم يأتي مع بالغ الأسف من أبناء المسلمين الذين أعمت قلوبهم الحضارة الغربية أو الشرقية فيدعُون إلى اختلاط النساء بالرجال إما بصريح القول وإما بالتخطيط الماكر البعيد، نسأل الله أن يريهم الحق حقاً ويرزقهم إتباعه وأن يريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه إنه جواد كريم.
أيها المسلمون كأن الداعي إلى اختلاط النساء بالرجال يتجاهل أو يجهل ما حصل لأمة الاختلاط من الفساد والانحطاط انحطاط الأخلاق وانتشار الزنا وكثرة أولاد الزنا حتى أصبحوا يتمنون الخلاص من هذه المفاسد فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، إننا نسمع من يدعو إلى سفور المرأة وتبرجها وإبراز وجهها ومحاسنها وخلع جلباب الحياء عنها يُحاول أن تَخرج المرأة سافرة بدون حياء وكأن هذا الداعي يَجهل أو يَتجاهل أن الحياء من جِبِلْة المرأة التي خُلِقَتْ عليه وأن الحياء من دينها الذي خلقت له قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان" وقال صلى الله عليه وسلم: "إن من ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت" كأن هذا الداعي إلى السفور يجهل أو يتجاهل ما يُفضي إليه السفور من الشر والفساد واتباع السفهاء للنساء الجميلات ومحاولة غير الجميلة أن تُجمل نفسها لأن لا تبدو قبيحة.
قال تعالى { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الحمد لله الحليم التواب، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، أحمده - سبحانه - وأشكره، لم يزل بالمعروف معروفًا، وبالكرم موصوفًا يكشف كربًا، ويغفر ذنبًا، ويغيث ملهوفًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، بشر وأنذر، وأرشد وحذر، وأوضح المحجة فلا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله وإننا نسمع من الفتن: ما يُروجه أعداء الإسلام من الدعاية لحضارة الغرب أو الشرق لتفخيمهم وتعظيمهم وترويج مدنِيتهم وحضارتهم المنهارة يروجون ذلك باسم التقدم والرقي والتطور والتثقيف العالمي وما أشبه ذلك من العبارات الفخمة التي تبهر كثير من الناس فيصدقون بما يقال ثم مع بالغ الأسف يلهثون ورائهم بالتقليد الأعمى والتبعية غير العاقلة وغير المعقولة بدون تأمل ولا نظر في الفوارق والعواقب: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾ [القلم: 35] ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾
أيها المنخدع بحضارة أولائك رويدك هل تعلم أن كل شئ نافع في الأمة
إلا وفي الدين الإسلامي ما هو أنفع منه فرويدك رويدك لا تغرنك دعايتهم وارجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفاء نبي الله وسلف هذه الأمة فإنك ستجد الخير كله فيما ترجع إليه، أسأل الله أن يجعل منطلقاً منطلقاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
وقال سبحانه ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
أيها المسلمون أيها المؤمنون إن أعدائنا يهونون أي يقللون الفتن في نفوسنا إنهم يجلبونها إلينا بعد أن أفسدتهم ليُفسِدُونا بها كما فسدوا كما قال ربنا عز وجل: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النساء: 89] ومازال الناس في عصرنا هذا يُشاهدون ويسمعون كل وقت مظهراً جديداً من مظاهر الفتن كل فتنة تأتي يستنكرها الناس ويشمئزون منها حتى إذا لانت نفوس بعضهم إليها جاءت فتنة أُخرى أعظم منها وإن السعيد كل السعادة لمن وقي الفتن ومن أُبتلي بها فليصبر على دينه وليثبت، في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي. ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ" الجملة للتعظيم يعني هذه هي الفتنة الداهية قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" اللهم نسألك أن تقينا من الفتن اللهم قنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أصلح ولاة أمورنا اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين ، اللهم أبعد عنهم كل بطانة سوء وأبدلهم ببطانة خير تدلهم على الخير وتأمرهم به وتبين لهم الشر وتحذرهم عنه، اللهم إنا نسألك أن تُغيث بلادنا بصلاحنا وصلاح ولاتنا وصلاح وزرائهم وصلاح أُمرائهم وصلاح كل من يتولى لهذه الأمة أمراً من أمورها يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.