السبت، مايو 22، 2010

خطبة مفاتيح القلوب

مفاتيح القلوب 21/2/1430هـ
الحمد لله الذي ألَّف بين قلوبِ المؤمنين، ووحَّد بين صفوف المسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نزع الغِلَّ من صدور المتقين، وجعلهم في الجنَّةِ إخواناً على سُرُرٍ متقابلين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، خيرُ من دعا إلى الحق بلسان الحق المبين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين. أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإنه من يتقِ الله يجعلْ له من أمرِه يُسرًا، وأحَذركُم وإيايَ من عصيانه ومخالفةِ أمره، فإنه من يعصِ الله تكنْ عاقبة أمره خُسرًا0 أيها المسلمون :لقد أنزل الله تعالى كتابه،وأرسل رسوله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور،ظلمات الشرك والجهل ، ظلمات الفرقة والاختلاف ، ظلمات الجور والظلم، ويهتدوا إلى الحق ، ويسلكوا الصراط المستقيم 0ولهذا فإن رسالة الحبيب رسالة الجماعة ، رسالة تآلف وإخاء ، تنشر الأمن،وتُعَبِد الطرق للسالكين ،فجاءت مليئة بالتعاليم الربانية ، تبني مجتمعا إسلاميا مترابطا، وتأمل معي أيها الأخ الحبيب هذا الحديث الشريف عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال:قال رسول الله((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم،مثل الجسد،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))متفق عليه .ويا لروعة المثل ، يستطيع إدراك معناه كل عاقل، وتداعى،أي:دعا بعضه بعضا للمشاركة في الألم،ويقال تداعت الحيطان،أي :تساقطت،أو كادت0فسبحان الذي جمع قلوب المؤمنين على المودة،وجعلهم في توادهم كالجسد الواحد، ومن علامات الإيمان:مودة بعضهم لبعض، وهو -عز وجل- الذي ألف بين قلوبهم بإيمانهم به، هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ  وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [الأنفال:62-63]  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً[مريم: 96]
أيها المسلمون: الإنسان اجتماعي بطبعه لا يستطيع الإنسان أن يعيش في معزل عن الناس فما هي الوسائل التي تعينه على جذب قلوب الناس إليه ليعيش معهم عيشة السعداء ، إن هناك مفاتيح للقلوب تفتحها مهما كان إغلاقها في الغالب بإذن الله0 ومن هذه المفاتيح 0
▌╣◄المفتاح الأول من مفاتيح القلوب : الابتسامة والبشاشة وطلاقة الوجه،وهذا الذي أخبر به-عليه الصلاة والسلام-بقوله:((لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ)) رواه مسلم.إن نور الوجه حين يبتسم يجعل القلب أسيراً في رضاه،وهذه الابتسامة طيبة، كلمة من غير حروف،لا تكلف كثيراً لكنها تعني الكثير0
▌╣◄المفتاح الثاني :من مفاتيح القلوب: إفشاء السلام، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- ((لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)).رواه مسلم فالسلام يغرس المحبة، ويزيل العداوة، قال الحسن البصري :"المصافحة تزيد في المودة".قال بعض السلف : " تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الْغِلُّ . ▌╣◄المفتاح الثالث:من مفاتيح القلوب: الزيارة في الله:وقد كان من هديه -عليه الصلاة والسلام- أن يزور أصحابه،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ  (( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا.فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ.قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ.قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا، قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)). رواه مسلم.
▌╣◄المفتاح الرابع:من مفاتيح القلوب: تقديم الهدية: فالهدية لها أثر عجيب، في قلوب الآخرين فلذلك قال : ((تهادوا تحابوا)). حسنه الألباني.وعن أنس قال: " يا بني! تبادلوا بينكم -يعني الهدايا- ؛ فإنه أودّ لما بينكم". فهي تسل السخيمة, وتجلب المودة، وتزرع المحبة، وتنفي الضغينة, وتصّير البعيد قريباً، والعدو صديقاً، والبغيض ولياً، والثقيل خفيفاً 0
▌╣◄المفتاح الخامس:من مفاتيح القلوب أيضاً الإحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم، فقد جُبلت القلوب على الميل لمن أحسن إليها،.قال صلى الله عليه وسلم ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ للناس)).حسنه الألباني. وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[البقرة:19.وقال الحسن: " مَنْ بَذلَ دِرهَمَهُ أحبهُ الناسُ طَوْعاً وكَرْهاً "
▌╣◄المفتاح السادس:من مفاتيح القلوب وكسب محبة الناس:الزهد في الدنيا، وقد جاء رجل إلى النبي -- فقال:يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :((ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ))رواه ابن ماجه فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال محبوب للناس.
▌╣◄المفتاح السابع:من مفاتيح القلوب :ـ وممن يستجلب مودة القلوب أيضاً حسن السمت وحسن اللباس وطيب الرائحة،((إن الله جميل يحب الجمال)) رواه مسلم.وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: " إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب، طيب الريح".
▌╣◄المفتاح الثامن:من مفاتيح القلوب حسن الإصغاء،"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا حدث أحد التفت إليه بوجهه وأصغى إليه،ولا يقطع عليه كلام.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: مفاتيح القلوب
الحمد لله رب العالمين،ألف بين قلوب عباده المؤمنين فجعلهم إخوة متحابين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،أمرنا أن نعتصم بحبل الله أجمعين،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين الذي آخى بين الأنصار والمهاجرين فصاروا إخوة في الدين0أما بعد:-أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل،وأحثكم على طاعته وطاعة رسوله 
▌╣◄المفتاح التاسع من مفاتيح القلوب: إنزال الناس منازلهم، وإشباع ما في نفوسهم من أمورٍ لا تتعارض مع الشرع، بل هي من المداراة، و((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم)).
وهكذا يتودد الإنسان إلى إخوانه المسلمين، لأن الشريعة تريد أن يكون المجتمع الإسلامي متآلفاً مجتمعاً، وأن يكون يداً واحدة ولذلك فإن استعمال هذه الأسباب الشرعية عظيم جداً، ومنه السماحة في المعاملة.((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى)). رواه البخاري
فإذا قطعوك صلهم، وإذا أساءوا إليك فأحسن إليهم، وإذا ظلموك فاعف عنهم، وإذا اشتدوا عليك فعاملهم باللين، وإذا هجروك فاقترب منهم، طيب الكلام مع بذل السلام، مع الدعوة للطعام، تأتي بالنتائج العظام، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ آل عمران: 134]،
أيها المسلمون:من الناس من يحاول أن يفتح القلوب بوسائل محرمة، كالسحر ومنه الصرف والعطف، كالرشوة، كالظلم إرضاء لمن يريد استمالته، فيظلم آخرين من أجله، المدح الكاذب والنفاق، والثناء بغير حق،الإسراف في الولائم من أجله، النميمة له ليتقرب إليه ويتحبب على حساب من نّم عنهم وظلمهم، السكوت عن منكراتهم. قال :((مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ)) رواه الترمذي وصححه الألباني
أسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم والمسلمين سلامة الصدر وطهارة القلب وأن يعصمنا من الفتن وان نصون الألسن وان لانفتن ولا نفتن يارب العالمين. اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا ،ومن شر أبصارنا ، ومن شر ألسنتنا ،ومن شر قلوبنا يارب العالمين0ألا وصلّوا وسلِّموا ـ رحمكم الله ـ على نبيّكم محمد بن عبد الله، كما أمركم ربّكم جلّ في علاه0 :إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً اللهم ارض عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا ارحم الراحمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين واحمي حوزة الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين،اللهم آمنا في أوطاننا ،وأصلح اللهم ولاة أمورنا،اللهم أحفظ إمامنا وأيده بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد،ووفقه لما تحب وترضى،وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وإتباع سنة نبيك محمد r، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمعهم على الحق يارب العالمين ،اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة، اللهم طهر قلوبنا من النفاق والشقاق، وسوء الأخلاق ،اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق، فانه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فانه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم آتي نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها  رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ  وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق