السبت، مايو 22، 2010

خطبة عن الحج

أَمَّا بَعدُ: فَيَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
أيها المؤمنون وكما تعلمون أننا في موسم خير وبر وصلاح في موسم عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها في قوله {والفجر وليالٍ عشر} . وبالأمس بدأ هذا الموسم العظيم بدأ سباق إلى الله { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله } وقال تعالى { فاستبقوا الخيرات } وقد روى ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي أَنَّهُ قال: ((ما الْعَمَلُ في أَيَّامٍ ـ يعني العشر ـ أَفْضَلَ من العمل في هذه))، قالوا: ولا الْجِهَادُ؟ قال: ((ولا الْجِهَادُ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) رواه البخاري.
ومن الخيرات الصلاة والصيام المطلق وصيام يوم عرفة وتلاوة القرآن والصدقة والأضحية والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإعانة على الخير والبر والصلة وقضاء الحوائج والإصلاح بين الناس والتوبة النصوح والحج وما أدراك ما الحج.
ولقد ناسب أن أتحدث في هذه الخطبة عن صفة الحج والعمرة.
فيقال للحجاج إذا وصلتم الميقات فاغتسلوا وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية ثم أحرموا بالعمرة متمتعين وسيروا إلى مكة ملبين فإذا بلغتم البيت الحرام فطوفوا سبعة أشواط طواف العمرة، واعلموا أن جميع المسجد مكان للطواف القريب من الكعبة والبعيد، لكن القرب منها أفضل إذا لم تتأذ بالزحام، والأمر واسع ولله الحمد.
فإذا فرغتم من الطواف، فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر وإلا فصلوا بعيداً.
المهم أن يكون المقام بينك ويبن الكعبة، ثم أخرجوا لسعي العمرة وابدؤوا بالصفا فإذا أكملتم الأشواط فقصروا من رؤوسكم من جميع الرأس، ولا يجزئ التقصير من جانب واحد لا تغتروا بفعل الكثير من الناس.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فاغتسلوا وتطيبوا وأحرموا بالحج من مكان نزولكم واخرجوا إلى منى وصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر قصرا من غير جمع لأن نبيكم كان يقصر بمنى وفي مكة ولا يجمع.
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة فسيروا ملبين خاشعين لله إلى عرفة واجمعوا فيها بين الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ثم تفرغوا للدعاء والابتهال إلى الله واحرصوا أن تكونوا على طهارة واستقبلوا القبلة ولو كان الجبل خلفكم لأن المشروع استقبال القبلة وانتبهوا لحدود عرفة وعلاماتها، فإن كثيرا من الحجاج يقفون دونها.
ومن لم يقف بعرفة فلا حج له لقول النبي : ((الحج عرفة)) وكل عرفة موقف شرقها وغربها وشمالها وجنوبها إلا بطن الوادي وادي عرنة لقول النبي : ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف)) فإذا غربت الشمس وتحققتم غروبها فادفعوا إلى مزدلفة ملبين خاشعين والزموا السكينة ما أمكنكم كما أمركم بذلك نبيكم فلقد دفع من عرفة وقد شنق لناقته الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده الكريمة: ((أيها الناس: السكينة السكينة)).
فإذا وصلتم مزدلفة فصلوا بها المغرب والعشاء ثم بيتوا بها إلى الفجر ولم يرخص النبي لأحد في الدفع من مزدلفة قبل الفجر إلا للضعفة، رخص لهم أن يدفعوا في آخر الليل فإذا صليتم الفجر فاتجهوا إلى القبلة وكبروا الله واحمدوه وادعوه حتى تسفروا جدا ثم سيروا قبل طلوع الشمس إلى منى ثم القطوا سبعاً من الحصى واذهبوا إلى جمرة العقبة وهي الأخيرة التي تلي مكة وارموها بعد طلوع الشمس بسبع تكبرون الله مع كل حصاة خاضعين لله معظمين له.
واعلموا أن المقصود من الرمي تعظيم الله وإقامة ذكره ويجب أن تقع الحصاة في الحوض.
فإذا فرغتم من رمي الجمرة فاذبحوا الهدي ولا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية، ولا بأس أن تُوَكِلَ شخصا يذبح لك، ثم احلقوا بعد الذبح رؤوسكم، ويجب حلق جميع الرأس ولا يجوز حلق بعضه دون بعض، والمرأة تقتصر من أطراف رأسها بقدر أنملة.
وبعد ذلك حللتم التحلل الأول فالبسوا وقصوا أظفاركم وتطيبوا ولا تأتوا النساء ثم انزلوا قبل صلاة الظهر إلى مكة، وطوفوا للحج واسعوا ثم ارجعوا إلى منى.
وبالطواف والسعي مع الرمي والحلق حللتم التحلل الثاني وجاز لكم كل شيء حتى النساء.
أيها الناس: إن الحاج يفعل يوم العيد أربعة أنساك: رمي الجمرة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف والسعي.
وهذا هو الترتيب الأكمل ولكن لو قدمتم بعضها على بعض فحلقتم قبل الذبح مثلا فلا حرج، ولو أخرتم الطواف والسعي حتى تنزلوا من منى فلا حرج، ولو أخرتم الذبح وذبحتم في مكة في اليوم الثالث عشر فلا حرج، لا سيما مع الحاجة والمصلحة.
وبيتوا ليلة الحادي عشر بمنى، فإذا زالت الشمس فارموا الجمرات الثلاث مبتدئين بالأولى ثم الوسطى ثم العقبة كل واحدة بسبع حصيات تكبرون مع كل حصاة، ووقت الرمي في يوم العيد للقادر من طلوع الشمس وللضعيف من آخر الليل وآخره إلى غروب الشمس، ووقته فيما بعد العيد من الزوال إلى غروب الشمس ولا يجوز قبل الزوال ويجوز الرمي في الليل إذا كان الزحام شديدا في النهار.
ومن كان لا يستطيع الرمي بنفسه لصغر أو كبر أو مرض فله أن يوكل من يرمي عنه ولا بأس أن يرمي الوكيل عن نفسه وعمن وكله في مقام واحد لكن يبدأ بالرمي لنفسه.
فإذا رميتم اليوم الثاني عشر فقد انتهى الحج، وأنتم بالخيار إن شئتم تعجلتم ونزلتم وإن شئتم فبيتوا ليلة الثالث عشر.
وارموا الجمار الثلاث بعد الزوال وهذا أفضل لأنه فعل النبي فإذا أردتم الخروج من مكة فطوفوا للوداع.
والحائض والنفساء لا وداع عليهما ولا يشرع لهما المجيء إلى باب المسجد والوقوف عنده.
أيها المسلمون: هذه صفة الحج فاتقوا الله فيه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق
أقول ما قد سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
فقد أشرنا في الجمعة الماضية عن المصاب الذي حل ببلادنا من اعتداء الحوثيين على جزء غاليٍ على قلوبنا وذكرنا أنه اعتداء سافر ليس للحوثيين أي وجه حق في تطاولهم على بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله، واننا نشيد بسياسة حكومتنا الرشيدة وسرعة التعامل مع الحدث بحكمة وتأني ونشيد بجنودنا البواسل المرابطين على الثغور ونسأل الله أن يعينهم ويسددهم وأن ينصرهم على أعداء الدين أعداء الملة وأعداء الأمة. ألا وإن واجبنا دعم إخواننا المجاهدين المرابطين في الثغور، الذين يدفعون عن بيضة الإسلام، ويدرؤون الخطر الصفوي الحوثي عن بلادنا بالدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر، وأن نخلفهم في أهليهم بخير، فقد قال النبي : ((من جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا)) رواه الشيخان.
وإننا نسأل الله أن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء على ما رأيناه منهم من حزم في التعامل مع هؤلاء الروافض وحماية حدود البلاد من عبث العابثين الذين سفكوا الدماء وهدموا البناء وشردوا الناس من ديارهم وأدخلوا الرعب في قلوبهم، ونسأله تعالى أن يعينهم ويسددهم، وينصر إخواننا من الجنود البواسل على هذه الشرذمة الرافضية.
اللهم يا حي ياقيوم يا جبار يا قهار، اللهم عليك بالحوثيين ياقوي يامتين.. اللهم عليك بالحوثيين يا قوي يامتين .. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك ...
اللهم كما سفكوا دماء المسلمين .. واعتدوا على بلادهم ... ودمروا منازلهم ... فاسفك دماءهم .. وشتت شملهم .. واجعلهم عبرة للمعتبرين ...
اللهم اكف المسلمين شر الروافض الحاقدين، واحم المسلمين من شرورهم .. واجعل كيدهم في نحورهم ... وسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب يارب العالمين..
اللهم وفق ولاة أمرنا لحماية دينك ومقدساتك والذود عن ديار المسلمين يارب العالمين
اللهم واربط على قلوب إخواننا من الجنود البواسل وثبتهم وقو عزائمهم وانصرهم على عدوك وعدوهم ياقوي يامتين..
هذا وصلّوا - رحمكم الله - على من بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، فقد أمركم الله بذلك، فقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإِسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإتياء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق